من الشبهات التي يروجها المستشرقون كيدا ضعيفا بهذا الدين قولهم أن الإسلام انتشر كل هذا الانتشار الذي عم الكرة الأرضية كلها بالقوة والإجبار وبحد السيف فما هو ردنا على هذه الشبهة؟.
الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم :"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" الدين الإسلامي دين موجه للعالمين كلهم لذا فمن حق كل إنسان أيا كانت بلده ودينه أن يسمع عن هذا الدين وأن يعطى الفرصة الكاملة و الصحيحة لمعرفة الحقائق حول الإسلام بهدوء دون إجبار من ناحية ودون تشويه و حشو المغالطات من ناحية أخرى ، كما يقول الله سبحانه وتعالى في آية أخرى في القرآن الكريم : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" هذه الآية واضحة وضوح الشمس إذن لا إكراه في الدين ولا إجبار في العقيدة بل إن المسلم الذي لا يؤمن بربه ولا يؤدي عبادته وواجباته إلا لأنه مجبر عليها فيظهر مالا يبطن من إيمان بهذا الدين لا خير فيه ولا رغبة في الإسلام به ، في تاريخ الإسلام كله لا نشهد قصة واحدة أجبر فيها أحد على الدخول في هذا الدين لذا فإن هذه الشبهة مردودة بالمنطق والعقل وكموقف الإسلام منها أصلا وسوف نفصل كل جانب على حدة مع توضيح سبب الفتوحات بعد ذلك.
بالمنطق والعقل هذه التهمة تدحض كما سبق وذكرنا سبب ذلك لأن العقيدة والإيمان هما الأمر الوحيد الذي لا يمكن إجبار أحد عليه فإدعاء المستشرقين والحاقدين أن الإسلام انتشر بحد السيف يغالط نفسه فكيف يمكن أن تدخل كل هذه الدول والمساحات الشاسعة في دين الله إجبارا ولو كانت كذلك لماذا لم ترتد عن فورها بمجرد أن تفتح وتتحين الفرص لذلك؟ ولماذا خرجت تلك الدول المدعى عليها قادة أبطال دافعوا عن هذا الدين أكثر من العرب المسلمين أنفسهم ولماذا خرجت هذه الدول علماء أفذاذ مخلصين لا يمكن أن نرجو مثلهم إلا من قوم مؤمنين إيمانا حقيقيا صادقا مخلصا؟
وإذا كان دخولهم في الإسلام جبرا وقسرا لا اختيارا وإيمانا لماذا لم يقوموا بثورات ومقاومة ولماذا اندمجوا وانخرطوا في المجتمع الإسلامي طائعين مختارين بهذه الصورة إن انتشار الإسلام في كل هذه المساحة الشاسعة من الأراضي والدول بالإجبار أمر لا يتصور حقا بل إن كثير من هذه الدول كانت قد طلبت من المسلمين البقاء فيها وهللت واستبشرت باستقبالهم بل وعاونتهم على الفتح حتى مع كونهم على دين مخالف كما حدث في مصر وبعض بلاد الشام!.
أما موقف الإسلام من هذا الأمر أي الإجبار على اعتناق الإسلام –فقد وضحناه- وكيف أنه أمر غير مقبول بنص الآية الكريمة إذن كيف نوازن بين ذلك وبين الفتوحات الإسلامية التي كانت عن طريق القتال؟ قبل الدخول في ذلك يهمنا معرفة أن الكثير من البلاد الإسلامية قد دخلت في هذا الدين دون قتال بل دخلته عن طريق المعاملة وعبر حسن خلق التجار المسلمين وصفاء معدنهم وكرم نفوسهم وأكبر دولة إسلامية أندونيسيا هي المثال الأهم على ذلك وأغلب دول شرق آسيا من حولها كذلك كماليزيا وآركان بورما والصين والشيشان ودول آسيا الوسطى ، فإذا أضفنا إلى ذلك أن المسلمين عاشوا في ظل دولة مسيحية (الحبشة) -حتى لو كان ملكها قد أسلم سرا- ولكنها مع ذلك تعد دولة مسيحية فعاشوا فيها 10 سنوات متواصلات وأنتجوا وخدموا المجتمع واندمجوا به وكانوا أعضاء فاعلين فماذا عن الفتوحات الإسلامية ؟
إذا رجعنا إلى السبب الأول وهو أن الإسلام لا بد وأن يصل إلى كل إنسان حي في هذه البسيطة وأنه هو أمر واجب علينا أن تصل هذه الرسالة له ثم يقرر هو عندها أيقبلها أم يكفر بها لكن المهم علينا نحن المسلمين أن نوصل هذه الرسالة دون أن يحول بينها حائل أو يقمعها ظالم لذا فإن الجيوش الإسلامية لا تتوجه إلا إلى الدول التي تمنع هذه الدعوة الإسلامية من الانتشار الدول التي حالت بيننا نحن المسلمين وبين سكانها أن نصل إليهم ونبلغهم رسالتنا فإن شاءوا قبلوها وإلا فلا إذن فتلك الدول تكبرت وتجبرت وحظرت الحق الفكري لسكانها ومنعت الرسالة من الوصول إلى أهلها حينها يكون واجبا علينا قتالها لا للانتقام ولا للتشفي ولا لإدخالهم في الإسلام بالإجبار بل كي يخلوا بيننا وبين إيصال دعوة الإسلام والقيام بالواجب الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نؤديه ورفع هذا الظلم فإن شاءوا بعد ذلك أسلموا وإن شاءوا أبوا دون أن يتعرض لهم أحد ولا تتخذ هذه الخطوة إلا بعد إرسال الرسل وإرسال الدعوة إلى من يحول بيننا وبين أهل هذه البلاد وتخييرهم في أمور ثلاثة الإسلام وهو خير نحمله لهم في الدنيا والآخرة فإن أبوا فالجزية مقابل دفاع المسلمين عنهم وصونهم وصون أموالهم وأعراضهم وديارهم وهذا يعني في المحصلة التخلية بين الدعاة وبين أهل هذا البلد فإن أبوا الجزية فالفتح بعدها ويتم كل ذلك يتم في ظل أخلاق إسلامية عالية ما شهد العالم لها مثيلا فأي جيش ذلك الذي يتصف بالرحمة فهو ما قاتل إلا من أجل هدف سامي وخير يحمله إلى أهل ذلك البلد ولم يقاتل إلا للأخذ على أبدي المتكبرين والمفسدين وحتى في قتالهم لهؤلاء لا جور ولا تعدي ولا تمثيل ولا قتل للرهبان ولا هدم للصوامع ولا ترويع بالليل ولا قتل لصبي ولا امرأة ولا شيخ إنه قتال بضوابط ومن ثم إذا فتح البلد لا يجد أهل ذاك البلد إلا العدل التام والحفاظ على الحقوق والعيش الكريم والشراكة الوطنية حتى مع اختلاف الدين فالحقيقة أن الإسلام انتشر بسبب هذه الحقيقة وبسبب هذا الخلق العالي الذي ما اعتاده أحد في ذلك الزمن و لاأي زمن آخر آخر أنجب مثل أولئك الفاتحين فالمعتاد أن الجيوش إذا دخلت قرية أفسدت فيها بعكس الجيوش الإسلامية التي كلما فتحت بلدا نشرت النور والعدل والرحمة فيه حتى دخل أهل تلك البلاد طواعية في هذا الدين مخلصين صادقين وحموا هذا الدين بأرواحهم وأموالهم وكل ما يملكون الأمر الذي لا يتصور من قوم أجبروا على تبني تلك العقيدة فولد لهذه الأمة من نلك البلاد المفترى عليهاٍ : البخاري ومسلم وصلاح الدين الأيوبي وقطز وغيرهم من أهل الفضل والعلم والجهاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق