الثلاثاء، 28 يوليو 2009

هبوط ... صعود .. وصول (3)


في صباح يوم الثلاثاء كان الرحيل ..
ليلة السفر كان البيت خلية نحل هناك من يغلف الهدايا ومن يكتب الأسماء ومن يجهز اللعب للأيتام
في نفس يوم هذه الليلة والأيام الثلاثة التي سبقتها كنت بحاجة لأكثر من 34 ساعة لأنهي أعمالي المزدحمة والإتصالات لا زالت لا تتوقف لحظة واحدة من وإلى وكيف ومتى؟!
ليلة السفر تعمدت ألا أتودد كثيرا لأمي حتى لا تضعفني نظراتها
وتعمدت أن أصعد إلى الأعلى سريعا هل وجد النوم طريقه لي "لا" ولا لحظة واحدة أو ربما مجرد غفوات سريعات هكذا منذ عدة أيام وليس تلك الليلة فقط ..
كنت أسمع صوت موج غزة وأحلم بزرقة بحرها ومن بعد الزرقة والموج يلوح لي خط الشاطئ من بعيد كحلم جميل مبهج وأرى الناس هناك يلوحون بأيديهم الصيادين والبحر الثائر الهدار يحاول أن يكسر قيده بثورة الأمواج التي يطلقها تماما كما يفعل الفلسطيني بحرهم يشبههم تماما فيه ثورة وانتفاضة وجهاد بحر غزة ليس ككل البحور وشمسها ليست ككل الشموس فيها حمرة ملتاعة تحكي كل الأسرار الدفينة في أغنيات الزجل عالأوف!
حلمت أني أسجد على ثراها وأقبل ذاك التراب الذي تمنى من هو خير مني قبلا الشافعي رحمات ربي عليه أن يتكحل به !
لماذا نحب غزة بهذا القدر ؟! أليست الكرامة غالية أليست العزة غالية أليست الحرية ثمينة ؟! إنها حلمنا المسلوب منذ 60 عاما بل منذ أن تفرقنا وضيعنا أنفسنا وأوطاننا وصرنا كالقصعة التي تتداعى الأمم عليها وتتكالبها من كل صوب وحدب! وياليتنا صحونا بعدها بل ازددنا نوما ..
في الصباح كنت سعيدة تحركني مشاعر من الشوق وخوف دفين ألا أكون على قدر هذه النعمة من رب العالمين ولا أستحق هذا المقعد وهذا الشرف الكبير ..دعوت ربي أن تكون رحلتي هذه سببا لنصرة غزة وأهلها
إلى المطار متأخرة قليلا قبل الخروج من البيت تلقيت إتصالات .. وهناك اتصال جعل البهجة تلازمني حتى قبرص كان أخي الطيب جزاه الله عني كل خير
في الطريق أرسلت رسائل عبر الهاتف
أرسلت لمروة وحفصة وأحبة آخرين
في المطار متأخرة قليلا إجراءات وروتين سلام حار مع المجموعة الطيبة وقبلت رأس أمي ثانية شعرت أن بركة دعائها تلازمنا في كل خطوة ...
في الطائرة أخيرا
هويدا وفتحي كانا على نفس الطائرة جاءا من قطر ..
سمعت هويدا تردد أين هم البحرينيون! ولم أكن قد شاهدت وجهها بعد فقط الصوت
لحظات الإقلاع مرة أخرى والهبوط المحببة تحمل فيها كل تلك المشاعر المختلطة
دعوت للكثيرين لحظتها .......
تبادلنا الحديث لم أكن أستطيع أن أفكر في جزء غزة كنت أقول لا زلت غير أكيدة إنا أجبر نفسي ألا أفكر في جزء غزة حتى أضع رجلي على الشط حتى أستيقن أني عليها لا أريد أن أفجع بعكس ذلك وإذا بدأت أفكر سيكون ذلك صعبا جدا علي!
قرأنا كتاب دكتور صلاح .. قرأنا أذكار الصباح . .. استغفرت ...قرأنا القرآن ...
نحن فوق قبرص ..
نحن في قبرص
وصلنا وكل ذاك الكلام الطويل الذي يردده المضيف و المملوء بالكافات والسينات يجعلك تتأكد أنك فيها وهذه ببساطة اللغة القبرصية الجميلة!
إجراءات المطار ولا أبسط
تذكرت أننا خفنا حين قرأنا في كتيب غزة الحرة أن يوم التدريب هام جدا ومن بعده سيحدد من سيذهب وعاد شبح الخوف ليخيم على صفحات وجوهنا من جديد ..
في الباص الذي يأخذنا من الطائرة إلى المطار تحدثت الأخت فاطمة إلى هويدا مستفسرة هويدا قالت لا الكل سيأتي هذا مرهون برغبتكم أنتم !
من جديد الحمدلله كان ترمومتر المشاعر لا يتوقف عن الصعود والنزول عندنا حتى ظننت أننا سنجن قريبا!
غزة كانت مصدر السعادة والحزن وكانت محور الأحلام والمشاعر والأفكار أو لنقل فلسطين أرضي الحبيبة
كانت هويدا وبقربها آدم يسير لكن لا ينطق ولم أسمعه ينطق كلمة واحدة إلا مع أحد الجنود اليهود بعد ذلك! هو أمريكي أصلا بينما زوجته هويدا فلسطينية مقدسية تحمل الجنسية الأمريكية وهي بعكسه تمام متحدثة ممتازة دبلوماسية ومقنعة وقوية جدا أخذنا الحقائب وإلى خارج المطار فورا دون أي تعقيدات


هناك استقبلنا التاكسي ولفت نظري بشدة أنه هتف لهويدا أنتم فري غزة ! هكذا بلغة إنجليزية ممتازة قالت نعم
قال آه أتابع نشاطاتكم في التلفاز إذن سن فلور ذكر اسم الفندق قالت نعم إلى هناك
كنا مع هويدا وكلثم وفاطمة في سيارة وفتحي والأخوة من خلفنا في أخرى الناس في قبرص ودودين جدا مسالمين جدا ونجد أخلاقيات طيبة هنا في التعامل ..
وصلنا الفندق دفعت هويدا ورفضت أي محاولة منا ملحة لتعويضها ..
أخذنا الشنط وشاهدنا هناك ومن قبلها في الفندق سينثيا ماكيني عضوة الكونجرس الأمريكي والتي ستكون معنا منذ أول لحظة شاهدناها في مطار لارنكا وهي تردد دون توقف "وي ويل هاف ألوت أوف فان" سوف نستمتع كثيرا مع بعضنا 
نحن في قبرص لكن ما لي أنا و قبرص أنا أنتظر ماوراءها بفارغ الصبر
نحن نقترب منك يا غزة!

ليست هناك تعليقات:

واجب القراءة قفزة عباس في الهواء ستكلف فلسطين والحقوق الفلسطينية باهضا!

Study
View more documents from Bahrainpath