الأربعاء، 29 يوليو 2009

غيث الجامع الكبير (4)

في الفندق شعرت بنشوة عجيبة ونشاط متدفق لم أكن أريد أن أستريح لحظة واحدة لم أكن أريد
أن أجلس حتى! كنت أريد أن أعمل وأنطلق وأفهم وأحاور وأبحث الأجانب نشيطون جدا المنظمون قاموا بعمل كبير مالذي يدفع هؤلاء الناس إلى الإصرار هكذا على العمل من أجل فلسطين لماذا يحبونها هكذا ؟! في أولئك القادمون من ترك زوج طيب وأولاد ودوين وعمل ومنصب رفيع وراحة كان معنا شخصيات رفيعة تحمل جوزا ديبلوماسيا لماذا تأتي مريد ماجكواير وتعرض نفسها للألم والقسوة وتلفحهها الشمس 30 ساعة على السفينة بينما كان في إمكانها أن تتنعم في إيرلندا أو أي بلد آخر يستقبلها أحسن إستقبال ويتعاملون معها بأفضل أساليب الإتيكيت والذوق الرفيع ألم يكن من الأجدى لها أن تبقى في النعيم؟!
دخلنا بهو الفندق هو "فنيدق" إن صح التعبير أقصد أنه مبنى صغير ولطيف فيه دفء البيت أكثر من رسمية الفنادق واسمه سن فلور سحبنا الشنط الكل مشغول بشنطه وقفت قرب هويدا وقلت لها نود أن نصور معا وأخذنا لقطة تذكارية تحدثنا عن البحرين وعن فلسطين وعن هويدا التي لم تشاهد زوجها من 7 شهور إلا مرة ! وعنه كيف اعتقل أكثر من مرة ابعد عن فلسطين فقط لأنه كان يدافع عن الحق الفلسطيني !! هناك أناس يظنون أن دعم القضية يتم عبر البروج العاجية التي يسكنونها في قصورهم أو حتى منازلهم الفارهة وتحت المكيفات تسقط دمعة من أعيننا عندما نشاهد لؤي وقد فقأت عينه ونذرف مزيدا منها عندما نشاهد إيمان وقد حفر بطنها الصغير برصاصة كبيرة نخرج دينار أو اثنين وانتهى الموضوع نحن مع القضية الفلسطينية لكن لماذا أوجه أصابع الإتهام للبعض ألست أنا كذلك أيضا ماذا كان دعمي غير المال والدعاء والبكاء وأشياء أخرى غير مقنعة فهل هذا يكفي يا نفسي ؟!!
هنا نشاهد من نذر حياته كاملة لفلسطين ولإستعادة حقها كل هذا الإصرار وهو غير مؤمن بالله أو غير مؤمن بالقيم الرائعة التي يحويها إسلامنا الحبيب فمابالنا نحن المسلمون كانت التساؤلات تزداد في دواخلنا أكثر وأكثر ..
كنت أصور كل شيء صورت المدخل صورت الكتابة الجميلة بخط إنجلزي جميل سن فلور








صورت صورة لخريطة قبرص الجزيرة الأقرب بالنسبة لغزة من دول أوروبا ياللمفارقة العجيبة
لماذا ننطلق من قبرص لأن لا دولة أخرى قريبة تفتح لنا أحضانها لننطلق من أجل نقل أدوية وغذاء لغزة ؟! ياااه لا بد أنك تمزحين هناك دول عربية كثيرة هناك مصر هناك هناك وهناك ... لا تنبشوا الوجع من جديد لكن صدقوا أولا تصدقوا تلك هي الحقيقة
الجو كان رطب وحار مع بعض النسمات الباردة وكثير منها يطري الجو في المساء هو شبيه بالبحرين فهي جزيرة مثلها تماما
أما شوارعها وأزقتها فذكرتني بالأردن وكلما تذكرت الأردن تذكرت فلسطين فنحن نسير في حلقة توصلنا لخط البداية نفسه من جديد
صعدنا لغرفتنا تم تقسيمنا من قبل فريق غزة الحرة وصحبة صالحة كانت معي كنت محظوظة بها كلثم وفاطمة
أتتنا بعد قليل هويدا من جديد ومعها ضيفة جديدة تكلمت بالعربية مرحبا لكن ملامحها أجنبية كانت لطيفة جدا ودودة جدا

قلت لها أنت لبنى قالت لا أنا كويفا ! كويفا تتكلمين العربية جيدا أنت من أين؟ إيرلندية
وهنا تذكرت فجأة فتح الرابط ... الدكتور عبدالله معروف في دورة سفراء القدس ماذا قال عن غزة الحرة عندما سألته ....
آه أعرف منهم واحد أو أثنين أعرف فتاة إيرلندية نشيطة هكذا وقوية تدعى كويفا! إذن أنت كويفا
فاجأتها لقد كلمني عنك الدكتور عبدالله معروف ... مين ؟ المعذرة مين وكانت تغلق عينيها لتتذكر
عبدالله معروف جامعة أبردين ... نعم نعم أتشرف بمعرفته نعم تذكرت
كويفا هذه أثرت فيني عميقا وعميقا جدا شعرت أنها هنا ليس بالمعنى العادي فقط هي هنا ليس لأنها رحلة مهمة وليس لأنه عمل إنساني فقط إنها هنا عميقا وعميقا جدا إنها هنا لأنها تحب فلسطين جدا إنها هنا لأنها مؤمنة بالقضية حتى النخاع وشعرت أني أحبها جدا
همست لكلثم كويفا هذه مختلفة عن الآخرين ..
طلبنا منهم أن نساعدهم نريد أن نعمل معهم سنفعل أي شيء من أصعب عمل إلى أتفهه لكن لا نريد الجلوس هكذا قالوا لنا ارتاحوا اليوم غدا يوم شاق من الصباح ...
وجلسنا نتحادث...
في ذلك المساء زرنا المسجد الكبير مشينا طويلا في شوارع لارنكا كأننا نبحث عن كنز دفين فوسط كل هذه المحال وبهرجة الدنيا والأسواق كان المسجد المعتق ينتظرنا على قمة تلة بعيدة قرب الشاطئ وكأنه بطل أسطوري خارج من كتب التاريخ مئذنته جميلة بارعة الجمال تحيط بها طيور صغيرة مغردة نشطة كالتي تفرح قلوبنا في الحرم المكي! وسبحان الله صدقوني إن قلت لكم أن تلك الطيور كانت تتجمع فوق المسجد فقط هكذا فقط عرفنا أننا نقترب منه لمحنا المئذنة والهلال والطيور النشيطة!


:عبارة رمضان كريم تزين المسجد:

المسجد كان حزينا فهو وحيد حوله أماكن للهو كان المسجد يشكو فراقه عن زميله الوحيد الشبيه في المنطقة مبنى إسلامي آخر بالقرب منه تزينه آيات قرآنيه منحوتة بشكل حرفي وجميل لكنه تحول إلى متحف متحف قبرصي للأسف!


كان البحر قريبا من المبنيين يواسيهم ويخبرنا قصة المبنيين التي لانعرفها قربهم من الشاطئ يشعرنا أنهما جزء من حكاية الفتح لهذه الأرض دخل الصحابة قبرص منذ زمن بعيدة فاتحين وكانت الصحابية الجليلة التي ما فتأنا نذكرها ونحن على البحر معهم أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها وقبرها لازال هنا ومعروف إنه قبر المرأة الصالحة ..يؤلمني كثيرا أننا لم نتمكن من زيارتها !
ما أن لاح لنا المسجد من بعيد حتى نزلت علينا سكينة عجيبة ودخلت إلى أرواحنا كأننا أمام صديق أو أخ نشتاق له ويشتاق لنا لم نقابله من زمن بعيد .. عند البوابة الحديدية كانت أخوات واقفات زيهن إسلامي بالكامل هذه فرحة أخرى ذهبنا نسلم عليهن كن فلسطينيات وعراقيات شركاء الوجع نفسه العراق وفلسطين وبعضهم فلسطينيات لاجئات في العراق هجرن للمرة الثانية إلى قبرص التي مرة أخرى قبلت إستقبالهم بينما رفضت كل الدول العربية ذلك!! وبالقرب كان طفل صغير وديع يسترق النظر للشارع ويمشي خطوات ناحيته وأمه تتبادل الحديث معنا ثم تناديه غيث .. غيث .. كان اسمه غيث وكان من العراق بارك الله فيه وجعله من النبات الحسن لهذه الأمة

تعرفنا على أم عمر وهي إمرأة عراقية طيبة جدا وأخبرتنا بقصة الجامع الكبير أكثر ..

ليست هناك تعليقات:

واجب القراءة قفزة عباس في الهواء ستكلف فلسطين والحقوق الفلسطينية باهضا!

Study
View more documents from Bahrainpath