الجمعة، 10 يوليو 2009
بحر غزة يشعل روحي (1)
لاأعرف هل يجب أن أكتب هذه المذكرات بالتفصيل فأشرح فيها ما لايشرح هناك قصص وأحداث وروايات لا تشرحهها الكلمات .. وبين تراكض الأيام هناك كثير من اللحظات الضائعة في المنتصف التي تستحق التخليد ..
في فيلم الكرتون القديم عندما كنا صغارا كنا نتابع جزيرة الكنز كان جون سيلفر يقول : ربما يأتي يوم يا جيم أجد فيه ما ضيعت عمري كله في البحث عنه ..وإذا لم أجده تصبح الحياة صعبة جدا يا جيم .. الحياة تصبح صعبة ..
بحر غزة كل يوم أمام ناظري في خلفية الحاسوب في العمل ومن خلفه خريطة جميلة حبيبة إلى القلب كلما ألم بي أمر شردت فيها أتأملها كانت تخفف عني الكثير وددت لو لم تكن مجرد ورق على الحائط وددت لو كانت حقيقة أنا فيها أعبر فيها من المجدل إلى حيفا ومن يافا إلى الرملة ومن غزة الشماء إلى القدس المعتقة ومن نابلس إلى رافات … لكن لا بد أن أعود للواقع بعد قليل أفيق على صوت الهاتف أو طلبات الدفع الجديدة نحن في العمل في المكتب ولسنا هناك ..
بحر غزة يحكي لي كل يوم قصصا جميلة حول أساطير الصمود والبطولة والفداء يكلمني عن السمك الجميل في أعماقه يخبرني عن حمرة الشمس حين تودعه في غروب كل يوم ومعها صلوات لكل الأسرى والمعتقلين المغيبين في سجون الظلم ومع كل نفس يحياه البحر في مشهد الغروب نظرة حزينة في عيني طفل يتذكر أباه أو أم صامدة احتسبت فلذة كبدها من أجل الله وفي سبيل الوطن الحبيب أو زوجة قوية تغالب مشاعر الشوق لزوجها وتسير على ذات دربه وتربي الأطفال على معاني البطولة هكذا يهمس لي البحر كلما طالعته في صباح كل يوم وأسمع صوته الهدار رغم الصخب الذي حولي هدير البحر يقول لي إن الأرض ملئ بالدماء فيها دماء الشهداء فيها دم محمد الدرة يستصرخ إنسانيتنا الميتة في عالم الظلم فيها نظرات إيمان حجو الحالمة وفمها الجميل مفتوح كأنه يعلن غفوها الأبدي ورصاص الظلم يتوسط جسمها النحيل الصغير هدير البحر يصطدمني بين الفينة والفينة أين أنتم! أين أنتم ! هل للحياة طعم بعد أن يستفرغ العدو كل معاني العزة والإباء والأنفة منها كيف يمكننا إحترام ذواتنا وتقبلها ونحن نراها منعكسة في المرآة كل صباح بينما العراق محتل وكرامة كل عربي مسلم في العراق منتهكة .. والمسجد الأقصى يئن من شدة الحفر .. لماذا تسرق ثروات أوطاننا ويجب أن نلتزم في المقابل بالصمت! هدير البحر يعلن عن اشتعال الألم فيه ويسمعني قسمه مع كل موج غادي ورائح أن ذلك لن يدوم وأنه سيشتعل أكثر وأكثر حتى ينهي هذا الظلم ..
ثم أنهمك في العمل مرة أخرى ولا تزال صور الصمود الأسطوري عالقة قي ذهني حتى يأتيني صوتها في اليوم مرة وأحيانا بين يوم ويوم : عزيزتي .. متى سنحقق الحلم؟ ونظل نحلم
أشعر بتحسن ثم لا ألبث أن أثور على نفسي هل هو مسكن أن نحلم دون عمل لا نريدها مجرد شعارات نفرغ فيها ما يعتمل في أعماقنا من شوق دفين نريد الذهاب لكن حقيقة واقع ومع نهاية كل مكالمة كنت أرسل لها إيميل حزين حتى متى سنحلم هل سيظل الحلم سجين الكلمات أم أنه سيتحول إلى حقيقة قريبا …
يمضي اليوم على هذا المنوال ونحن نحاول أن نتشبث بآخر نفس حي فيه قبل أن يطويه النسيان لعل وربما نسمع خبرا جديدا يفرحنا أو تشهد دقائقه الأخيرة ولادة حدث سعيد يقربنا من الحلم أكثر .. الحلم ما هو تعريفكم للحلم ليس مجرد أمنية قد تتحقق أو لا ليس مجرد شيء بعيد نحاول أن نوليه جزءا من أوقاتنا كل يوم لعله يصبح حقيقة ليس ذاك إنه "الروح" الحلم هنا هو النفس الذي استنشقه شهيقا وزفيرا كل يوم الحلم هو الروح هو نبضات القلب هو همسات السحر في السجود هو دموع حرى في الصلوات هو مناجاة الواحد الأحد هو "كل شيء" ولأجله كان كل شيء ..لكن اليوم يمضي على أية حال دون بادرة جديدة ودون أن ينتزع منا أملنا في الغد ..
كل شيء من حولي كان يقول أن حلمي مجنون وعلي أن ألقيه وراء ظهري معدودين هم الذين آمنوا بي وبحلمي
معدودون جدا لكني أدين لهم بالكثير.. الكثير جدا لا يعرفون لأي مدى كانوا بلسم كانوا نعمة ..
"أحلام الأمس .. حقائق الغد" كانت تزيدني إصرارا وتحرك في نفسي كوامن فجر مشرق ..
تمر الأيام تمر وتمر وكل طريق قد يؤدي إلى حلمي الحبيب كنت أسير فيه أطويه على أمل أن أجد الشمس في نهايته ولم يكن ذلك مزعجا بالنسبة لي كل ألم في طريق الأحلام كان جميلا كل شوكة كانت وردة كل قطرة عرق كانت مسك وفل ..
كنت أراها أمامي في خضم التعب فأنتعش ..أسمع سورة الأنفال تتلى على مسراها كنت أرى نفسي فيها أسجد على شاطئها الجميل ..
كنت أسمع صوت موجها يناديني ..
حتى أحلام المنام كانت تدور حولها ..
سمعنا عن رينيه .. رينيه وفتحي كانا في البحرين وذلك كان بداية الخيط طريق جديد قد يؤدي للحلم إذن يا ..... وعليك السير فيه لنحاول إذن ..هي كانت أوفر حظا قابلتها وحجزت مقعد شفهيا ماذا سأفعل الآن يجب أن أرسل لها إيميل أطلب إظافتي وعمدت على إرفاق مقابلة صحفية معها كذلك كانت مهمة أشبه بالمستحيلة لأن الرقم غير متوفر وأي إيميل ذاك الذي ستفتحه رينيه وهي تنتقل في كل أرجاء العالم تحرك الناس نحو قضية العدل والحق تحاول إيقاظ النائمين من سباتهم ..
لكنه باب ويجب أن أطرقه رغم كل شيء..
يمر اليوم ثقيلا ويجر بعده يوما آخر في كل يوم أدخل متلهفة على البريد الإلكتروني لعلي أرى ردا يفرح القلب لكن لا شيء سوى اللاشئ!
أشياء كثيرا متراكمة من سنوات كانت عاملا في جعلي أتلقى الإتصال إذن عرفنا أنهم 5 مقاعد للبحرين
فرحت وحزنت في الوقت نفسه هو ذاك الشعور الغريب الذي يجعلك شخصين في شخص واحد فرحة لأن الحلم يقترب لكن حزنت لا أريد أن يكون ذهابي سببا في حرمان الحلم من آخر .. كان ذلك إيثار وكان الشخص أكبر مقاما مني بكثير فأسأل الله أن يجعل هذا الإيثار وهذا الفضل في ميزانه يوم القيامة ..
لم أكن مصدقة عندما تود طوال عمرك أن تسمع خبرا معينا ثم تأتي لحظة تسمعه فيها وفجأة تتحول إلى "غير مصدق" فقط نقطة اللاشعور أنهي إعمالي وأطبع الورق مع إرتجافة في روحي وأشعر أن الدموع تنتظر النزول لكن لا تستطيع وأني أود لو أبتسم من القلب لكن لا أستطيع أيضا ذهبت للمصلى "صديقي الصدوق" حيث أبثه كل أموري وأول إتصال كان مع مروة ..الحلم يقترب لكن أحتاج وقفة منكم معي كنت متلهفة لدرجة جعلتها تتعاطف معي شعرت بذلك قالت لي لا بأس لا تخبري أحد الآن وسنجد طريقة لإقناع البيت
كل تركيزي كان على أمي كيف ستخرج من فمها تلك الكلمة التي أريد أكثر من أي شيء آخر .. نعم!
إن كل ما مضى في كفة والأيام القليلة القادمة في كفة أخرى لم أكن آكل أو أشرب أو أنام!! كنت أعيش على الهواء وأفكر كيف سأذهب وكيف سأتخطى العقبات المتبقية لم يبقى الكثير نعم لكنها عقبات من النوع الثقيل أحتاج موافقة الأهل أحتاج رأي الشرع وهو مهم جدا بالنسبة لي أحتاج التأكد من الفيزا وكل شيء آخر
كان المستقبل غامض لكن إصرار كبير جعلني أشعر أن الله سبحانه وتعالى سيتكفل لي بكل ما بقي وهذا كان زادي ودعائي ربي أنا ضعيفة لا أقوى على شيء لكنك ياربي قادر وكريم سبحانك تكفل لي بما تبقى أعني على ما تبقى ...
في كل يوم أكثر من 20 إتصال من وإلى وكيف ومتى وهل !!!
لا شيء أكيد بعد ولم يتبقى غير أيام معدودات بالنسبة لرأي الشرع بدأت بمكالمة جعلتني أبكي كثيرا ومن بعدها ألهمني الله بالبحث عن رقم العلامة .. هل أفصل أم أختصر رحلة البحث قادتني إلى رقم مرافق شخصي له يحب أن أتصل لم يكن لدي رصيد كافي خرجت لأشتري سحبت ورقة من حقيبتي وركنت السيارة قرب مسجد الساحل وشرعت أكتب رؤوس لأقلام بصدق واختصار لماذا هذه الرحلة ؟ لماذا أنا بالذات؟ مالذي تعنيه لي الرحلة ؟ واتصلت كان الرقم مشغول وبدأ الأذان أغلقت الخط وجلست أستمع للأذان وأردد وراء المؤذن شعرت بكل كلمة كأنها تكبر وتكبر في مسمعي الله أكبر الله أكبر .... تلوت الدعاء الذي يعقب الأذان ومن ثم رفعت كفين صغيرتين لله رب السماوات والأرض سبحانه يارب يسر لي يارب يارب ..
اتصلت رد الطرف الآخر السلام عليكم الأخ ....
نعم يا عمي أنت الأخت ....... أخبرني عنك الأخ ..................
أخبريني بالقصة بالتفصيل يابى؟
طيب وأخذت أتحدث باللغة الفصحى وبلهفة وسرعة وأنا أتكلم شعرت أنه لم يفهم كل ما قلته كنت متحمسة وتكلمت بسرعة أردت أن أخبره ماذا تعني لي كلمة فلسطين طوال سنوات طويلة في دقيقتين وهذا صعب أنهيت كلامي كان صامتا ..
يابى أنت تعلمين أن هذا العمل عبادة لله صحيح
نعم ..
إذن أي كان الحكم يجب أن نلتزم به
نعم صحيح
بارك الله فيك يا عمي وعدني أن يسأل العلامة ويرد علي ولأنه مشغول فقد يكون ذلك غدا حسب ظروفه
شكرته ودعوت له أغلقت الخط
عدت إلى البيت وشعرت أني أوكل أمري لله سبحانه وتعالى وأني راضية بما سيقسم لي
وكنت قد أرسلت رسالتين لشيخين آخرين واحد من الدعاة المعروفين في البحرين وآخر من فلسطين الحبيبة شرحت لهما الوضع كما هو ..
بعد نصف ساعة سمعت هاتفي يرن عندما وصلت كان قد توقف ..
الخط من هناك من الخارج ...
يالله أيعقل بهذه السرعة !؟
اتصلت وقلبي يخفق الرقم مشغول ..
أوقفت الإتصال وسمعت الآية الكريمة تتلى في التلفاز : "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .." همست لنفسي صدفة عجيبة لعله خير
وكنت أردد سأسجد على ثرى غزة بإذن الله ..بإذن الله ..
اتصلت رد العم الطيب
آه يابى الشيخ بيسلم عليك ويقول ... أسمعني كلام جميل جدا كدت أبكي دعا لي كثيرا وشجعني ...
الحمدلله أين القبلة سجدت سجود الشكر ربي لك الحمد ربي لك الحمد ..ربي غمرتني بفضلك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
واجب القراءة قفزة عباس في الهواء ستكلف فلسطين والحقوق الفلسطينية باهضا!
Study
View more documents from Bahrainpath
هناك تعليقان (2):
الله يرضى عنكم ... حقا علينا أن نقبل رؤوسكم وبارك الله فيكم ..
ويرضى عنكم إن شاء الله ..حاشا لله فقط دعواتكم لنا بالقبول
إرسال تعليق