غريب أمر من يريد أن يعطل قوانين الفطرة و يريد أن يغالب ويعاند نواميس الكون إننا إذا تأملنا في الطبيعة فنجد الهرة إذا ما اقترب خطر ما من أطفالها تهب مزمجرة لدفع ذاك الخطر وحماية صغارها منه بل وتتحول في لحظة من ذاك الكائن الصغير الوديع الهادئ إلى آخر مخيف مكشرة عن أنيابها فاردة مخالبها متأهبة للدفاع حتى لو كان هذا الخطر أقوى منها بمرات وهي تدرك بحدسها ذلك لكنها لا تتخلى عن مهمة الدفاع مهما كانت الظروف هذا المثال ينطبق على كل الكائنات الحية الأخرى على سطح هذا الكوكب فكل الكائنات البحرية والبرية والطيور والزواحف قد جهزها الله سبحانه وتعالى بأنظمة وأدوات للدفاع وصد الخطر ورغم أنها لا تعقل إلا أنها تدرك تماما هذه الغريزة غريزة الحياة و البقاء كفطرة خالدة فيها.
فما بال الإنسان الذي كرمه الخالق سبحانه وتعالى وجعل كل الكائنات الأخرى ميسرة لخدمته وأفرده بنعمة العقل ما باله يحاول عكس تيار الفطرة وقلب ميزان الحقيقة أن الظلم يجب أن يواجه وأن الحق يجب أن يستعاد وأن الأوطان تبذل في سبيلها الأرواح وأن الدفاع عن الدين والعقيدة والأرض والعرض والمقدسات لهو واجب فرض فما بال بعض بني البشر وقد قلبوا الظلم عدل و قلبوا اللصوص أصدقاء وقلبوا البندقية التي يجب أن يواجه بها أولئك اللصوص إلى سلامات وتحايا وقبلات وباقات من الورود ما بال البعض وقد استمرئ السكوت فلم يعد يكفيه أنه صامت عن احتلال وطنه وسرقة ثرواته لكنه تناسى ألف11 أسيرا فلسطينيا وعربيا يقبعون في سجون التوحش النازي الصهيوني منهم من قضى زهرة عمره كلها فمكث 30 سنة كاملة منسي هناك والسلام الأميري يعزف في بلادنا واللقاءات في المنتجعات وجلسات العشاء تتوالى والإبتسامات تزداد اتساعا يوما بعد يوم وعلم ذاك الكيان النازي الغاصب ينتصب فوق أرض عربية بلا إستحياء و أبنائها أسرى في سجونه!
إذا كانت المقاومة مقاومة العدو مقاومة الخطر مقاومة الظلم والجبروت إذا كان كل ذلك من نواميس الكون الخالدة في كل الكائنات الحية فما بال هذه الفطرة قد طمست من بعض أبناء جلدتنا وإلا بماذا نفسر هذا الصمت المخزي من القادة والساسة والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني نحو التراجيديا الكبيرة التي تمر بها أمتنا في الفترة الأخيرة ماذا يعني أن تحدث كل هذه المأساة التي لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها في قطاع غزة كيف يقطع الماء والكهرباء والوقود بل وكل مقتضيات البقاء على قيد الحياة لهذا الشعب الكريم المقاوم الذي يتنفس حرية وكرامة هذا الشعب الذي مرغ أنف الصهاينة الغزاة في الوحل وطردهم والرصاصات من خلفهم لا تلحقهم إلى حيث لا تصل إليهم أيدي الشعب الفلسطيني الحر الشريف.
غزة لم تكن لتجوع إلا بموافقتنا أين نخوة الجار العربي أين نداءات الفطرة والإنسانية أين قيم الإسلام العظيم
لا تساق الأعذار ولا تقبل في هذا المقام هل يمكن أن يجوع أحد الجيران في الحي وجيرانه من حوله يرفلون في النعيم هل يمكن أن يموت أطفال الجيران جوعا ونحن نملك ما يسد جوعهم إلا إذا تظافر الحي كله على قتل هذا الجار نعم قتله صمتا وسلبية كالأصنام نشاهد المأساة ولا نتحرك أصوات ضعيفة قليلة تلك التي حاولت الرفض لكنها لاترقى لا كما ولا جهدا لما هو متوقع من هذه الأمة العظيمة أمة الرسول صلى الله عليه وسلم أمة الشجاعةوالحق والعزة أمة الخير والنخوة فمن العار أن يشترك المرء في هذه الجريمة وكل متفرج صامت لهو شريك وإن أبى.
غزة من جانب والضفة وما يجري فيها من انتهاك حقوق إنسان واعتقالات على الهوية ولا يجرئ أحد على الحديث حتى لا يتهم أنه مع هذا الفصيل أو ذاك ونسوا أن الفلسطيني لهو أغلى من كل الإعتبارات السياسية هذه وأن القضية الفلسطينية أغلى من سواد عيون فصيل معين يرفض التسليم بنتائج إنتخابات اختار فيها الشعب غيره طائعا إن جميع مصائب هذه الأمة اليوم جائت من عدم تحملها مسؤولياتها وعدم قيامها بواجباتها وفي العراق الطامة الكبرى وبلد الإسلام العريق ومعقل الخلافة صار مرتعا لعلوج الغزو وفي الشيشان قضية منسية وشعب يسحق بكل الأسلحة المحرمة دوليا .
إن الجميع قادر اليوم على التغيير الطالب يمكن أن يبتكر طريقة للتغيير
مؤسسات المجتمع المدني يمكن أن ترسل بخطابات الإحتجاج لكافة المسؤلين
النواب السياسين يجب أن يقوموا بخطوة على الأقل ترقى إلى حركة الشارع في إيطاليا وأوروبا من متعاطفين مع القضية الإنسانسية في فلسطين مما يجعلنا نتضاءل ونشعر بالخجل مقارنة معهم
إذا تحرك الجميع كل في مجاله ستكون تلك بداية للتغيير بإذن الله
ولنستبين الحي من الميت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق